الخميس، 22 مارس 2012

واحد/ة من الناس

سامية الزبيدي


"أنا غلطان، أنا عارف حالي، حدا قلي أخلف 12 نفر..مهو الصحيح أنا كنت وقتها بخير، كنت بشتغل في "إسرائيل"..قصدي... قصدي "دولة الاحتلال" وكنت بحصل على أكثر من 6000 شيكل وكانت الأمور عال العال، ما كنت بعرف انو رح يجي اليوم اللي نقعد فيه وما نلاقي حد يتطلع بوجهنا ولا بوجه أولادنا".



"يا رب بنت، يا رب بنت، يا رب بنت، طول ليلي ونهاري بدعي ربي يعطيني بنت، والله جيبة الولد هالأيام كسرة، بعد ما كان سند الدار، بدو تعليم، ووظيفة، ومهر، ودار، وعفش، ومسؤوليات كبار، ويمكن كمان يروح يهاجر، ولا يفجر حالو بالمستوطنة، مش علشان بدو يحرر فلسطين، لكن علشان طفشان من فلسطين". 

"وبعدين معاكي يا أم محمد، انتِ مش شايفة اني قاعد بزرع بالمزرعة، ولا بدك اياني اخسر يعني، وأصير مضحكة قدام الشباب، مش عارفة تشيلي جرة الغاز لحالك، وتنزليها تحت الدار، ولما يجي تبع الغاز بياخذها وبيعبيها، عاملالي اياها قصة"..."ايش في كمان، الأولاد بيتكاتلوا، طيب شو أعملهم، أنا مش فاضي..حلي عني، خليهم يطلعوا يتشطروا عفتح وحماس". 

"شو بتقول يا أبو العبد، ضرايب جديدة، يعني بدهم يحاسبوني آخر اليوم على رزقة ولادي، شو باخد منهم دخيلك علشان ياخذوا مني ضريبة دخل، طيب أنا طول اليوم بلف وبدور أنا وهالحمار في الحارات والزقايق علشان نبيع هالكم بُكسة (سحّارة) بطاطا وبندورة وخيار، وشوية هالملفوف، ودخيلك شو بحصّل بالآخر علشان ياخذوا ضريبة عليهم...شو بتقول يا أبو العبد، قصدك يعني هاي الضريبة بس على اللي بيدخلوا مصاري كتير..الله لا يردهم. حدا قلهم يستثمروا بهالبلد الخربانة". 

"ما في طق بيض، هي الطبيخ بالطنجرة، انتَ ما بيعجبك العجب ولا الصيام في رجب، كل يوم طالعي بطلب، الفطور بدك تطق بيض، والغدا بدك تقلي بطاطا، والعشا بدك تشتري مرتديلا..انتَ يمه بتفكرنا قاعدين ع بير، انتَ مش عارف انو البيض غالي، والبطاطا غالية، والمرتديلا غالية، واللحمة أغلى، انت بتفكر راتب أبوك شو بيكفي..ولسه بدهم يطلعوه عالتقاعد، بعرضك يمَه لم إيدك". 

أنا، واحد/ واحدة من الناس، نفسي أكل، وألبس، وأعيش، وأتنفس بحرية..بيقولوا بدو يصير عنا دولة..طيب لمين الدولة؟ وعلى أي أرض بدهم يقيموها؟ على غزة ولا على الضفة، ولمين للفتحاويين ولا للحمساويين، ولا النا احنا..معقول النا كلنا..ولا هاد صار حلم صعب يتحقق. 

وبيقولوا بدو يصير عنا اكتفاء ذاتي، فياض أعلنها خطة؟ بدنا نصير محترمين ونبطل نشحت على أبواب المانحين والبنك الدولي والأمم العربية، طيب..ليش نازل فينا تقشف وتقاعد وضرايب؟ 

والزهار اللي وعدنا يرخص جرة الغاز لما تفوز حماس، بشوف الجرة غليت، وغليت، والكهرباء صارت شوفتها صعبة، والفواتير هيه هيه، وبيقولوا كمان في ضرايب جديدة عالمواد الغذائية الكمالية، أي كمالية هاد، هو الشبس اللي أولادنا بياكلوه بدل الفواكهة اللي ما بنشوفها إلا على البسطات وفي المحلات صار كماليات، ولا السيرج والعصير والكولا، والملابس، طيب هو مش بيكّفي فقر كمان قلة كيف؟، لاحقينا على علبة الكولا، وحبة البزر والقضامة اللي بنتسلى فيها. 

والله أنا واحد/ واحدة من الناس انخنقت من هاي البلد، يا أخي/ أختي صار الواحد فينا ثور/ بقرة في الساقية، ويا ريت بيطلع ميه جديدة..المشكلة أنها نفس الميه، مطحونين من الاحتلال، ومن أخوتنا..ومن الفقر والقهر..من الديون والقروض والقرود..يا أخي/ أختي..نفسو الواحد يحس برفاهية أنو بني آدم معزز مكرم، في عندو بيت، وسيارة، وشغل، وعيلة، قادر يأكلهم ويشربهم ويفسحهم، ويخطط لمستقبلهم.. والله يا الله ما بدنا غير عيشة الستر. 

لا تزعلوا مني ع صراحتي، أنا واحد/ وحدة من الناس..مخمود/ مخمودوة وساكت/ ساكته... بس بدي أطق من القهر. 


هناك تعليقان (2):

  1. اختى العزيزة سامية اتابع كل ما تكتوبين وخصوصا عن غذة احس بمرارة ما يكن فى صدوركم من الم بما يدورحولنا كشعوب عربية واذا بنا نجد انفسنا امام اناس جبابرة لايفكرون الا فى انفسهم حتى اصبحنا ندرك اننا كنا يوما صمطاء عندما كان الاعلام يكرس وسيلة التهميش والتضليل المتعمد واصبح الانسان يشغل بالة رغيف الخبز والامان وحتى ان وجد الخبز صعب تلاقى امان لا يعد لدينا ما نعلمة لاولادنا من خير اوشر لانهم يرون الشر حتى فى احلامهم ويقولو الخريف العربى اى خربف الذى انتشر فية الفسادوعم فية الظلم لمن يولا ولا يتولى لمن يتحكم ولا يحكم اسال اللة ان يفى عنا . تحياتى

    ردحذف
  2. فعلا هذا ما يدور في خواطر الناس وفي المقاهي والحارات وفي زحمة المواقف والسيارات وعند البنوك يوم الرواتب وعند محطات البترول عندما تكون واقف في الطابور وتحت سقف غرفة الخريج بدون عمل وعند من بلغ فوق 30 و يحلم بالزواج ولكن دون امل...
    تحياتي الك سامية دائما مبدعة

    ردحذف