أوراق رأي

ورقة رأي حول العلاقة بين الصحافيات والحركة النسوية-آفاق وتحديات
إعداد: سامية الزبيدي
مدخل:
ما هو نوع وشكل العلاقة التي تجمع بين الصحافيات والحركة النسوية في فلسطين؟ وما هو دور الصحافيات في تغيير الصورة النمطية والمتخلفة التي يجترعها إعلامنا الفلسطيني منذ عقود؟ وكيف يمكن دفع الصحافيات لأخذ هذا الدور؟ وما هو دور الحركة النسوية في تغيير هذه الصورة؟ وما هي العلاقة التي تربطها بالصحافيات؟
كل هذه الأسئلة وأكثر تحاول هذه الورقة المساهمة في الإجابة عليها، في محاولة لفتح الباب أمام إعمال العقل، وإخلاص النوايا لمراكمة الانجازات، وتلافي النواقص التي تشوب هذه العلاقة لصالح قضايا النساء وحقوقهن.
بدايةً، لابد من التأكيد على أن الحديث عن أهمية الإعلام في تغيير الرأي العام لأي مجتمع، لم يعد محل نقاش، ومن هنا تكمن أهميته، وقوته، وتزداد أكثر حينما نتحدث عن فئات مهمشة عانت عبر قرون عديدة من غبن وظلم سياسي واجتماعي واقتصادي وثقافي ..الخ.
ومن غير أن نغفل عن دور أساليب الاتصال المختلفة المباشرة منها وغير المباشرة، فإن الإعلام هو سيدها بدون منازع بما يمتلكه من جماهيرية واسعة، وخصوصاً بعد أن أصبحت أدواته في كل بيت، بل وفي كل جيب، عبر ثورة التكنولوجيا الحديثة، وكان له ومازال دور مهم في توطين النظرة الدونية للمرأة أو تحسين صورتها، وربما تغييرها بالكامل.
ولأن صانع الخبر هو صاحب القرار فيه، يحرص أصحاب المصالح المختلفة على التناغم والتشبيك مع صناع وصانعات الأخبار والقصص الصحافية عبر العالم.
وفي فلسطين، وعندما نتحدث عن حركة نسوية نفترض أنها تعمل على نشر أفكار ومعارف وخبرات تنويرية حداثية، ترتقي بالنظرة للمرأة نحو الانسانية الكاملة، فإن الإعلام في هذا السياق يصبح من أهم استهدافاتها، حيث تؤكد الأدوات البحثية لدراسة أعدها مركز شؤون المرأة نهاية عام 2009 بعنوان "صورة المرأة في وسائل الإعلام الفلسطينية"، ان المرأة الغزية تقدم بصورة نمطية تتقدم فيها المعاناة على الانجاز، والوطني على الإنساني، والمرأة كتابع للرجل بدلاً من أن تبرز شخصيتها المستقلة. وهو يحتم ضرورة العمل على رفع مستوى الحساسية الجندرية لدى الصحافيات والصحافيين وتشجيعهم على تناول الصورة الحقيقة للمرأة الفلسطينية، لأنهم المداخل الرئيسة لرسم صور معاكسة للأولى، تسهم في تذليل المعيقات المجتمعية والثقافية التي تحد من قدرة النساء على تحصيل حقوقهن على الصعد كافة.
ومن منطلق أن المرأة أقدر على الإحساس بقضايا جنسها في كثير من الأحيان، فإن الاستثمار بالصحافيات بالتدريب والتثقيف والتشغيل لن يكون هدراً ولا ترفاً من قبل الحركة النسوية لصالح الفكر النسوي وتطلعاته، على أن لا يعني ذلك استثناء أو اهمال الصحافيين الرجال من هذا التوجه بل على العكس تماما يجب خرط الصحافيين الرجال في معمعان الهم النسوي.



واقع الصحافيات الفلسطينيات في قطاع غزة:
ينتسب لنادي الصحافيات الفلسطينيات الذي ينظم هذا المؤتمر حوالي 140 صحافية من الضفة الفلسطينية وقطاع غزة، وفيما عدا ذلك فإن ما هو متوافر من احصاءات حول عدد الصحافيات إما هو قديم أو غير شامل، حيث تشير دراسة أعدتها الزميلة هداية شمعون للحصول على درجة الماجستير حول واقع الصحافيات الفلسطينيات في غزة في العام 2006، إلى أن عدد الصحافيات في القطاع فترة الدراسة 100 صحافية، 53 منهن خسرت مواقع عملهن بعد الحسم العسكري في 2007 نتيجة الحسم العسكري الذي نفذته حركة حماس في قطاع غزة، وإغلاق عدد مهم من المؤسسات الصحافية.
من ناحية أخرى، تعيش الصحافية الحالة الفلسطينية بكل تجلياتها من احتلال، وعدوان مستمر على شعبها، وأسرتها، ومكان عملها، ومن تهديد على حياتها اثناء تأدية عملها، وكذلك تتعرض لويلات الانقسام الداخلي الذي أرخى بظلاله على الكل الصحفي، خصوصاً في أعقاب سيطرة حركة "فتح" على نقابة الصحافيين باجراء الانتخابات فيها وفق شروطها، مغلقة الباب أمام الصحافيين والصحافيات على حد سواء. وتعمل في ظروف مجتمعية لازالت مجافية لعمل المرأة خصوصا بالقطاع الإعلامي، وتضع المعيقات أمام حريتها الصحفية، ناهيك عن غياب القانون الذي يحمي حقوقها كامرأة أولاً وكصحافية ثانياً.
كما أن باب العمل الصحفي لازال موارباً أمام الصحافية، حيث أن أي مقارنة بينها وبين الإعلامي في أفضلية التشغيل ليست لصالحها، وكذلك فرص الترقي، والتدريب، والسفر، والمشاركة في صنع القرار داخل المؤسسات الصحافية، اضافة الى ظاهرة استغلال جهودهن سواء بدون أجر مجزي، أو بسرقة أعمالهن الصحفية ونسبها لأسماء صحافيين آخرين بحجة التدريب، وهو ما تؤكده نظرة سريعة للمواقع التي تحتلها الصحافيات في الساحة الصحفية سواءً في نقابة الصحافيين، أو المؤسسات الصحافية المختلفة، فلم نر أي رئيسة تحرير لأي وسيلة إعلام، ولا أي صحافية في موقع يؤهلها لرسم سياسات صحافية أو اتخاذ قرارات صحافية مؤثرة.
وحتى الصحافيات اللواتي وجدن في الاعلام البديل من مدونات ومواقع التفاعل الاجتماعي على الشبكة العنكبوتية مكاناً لنشر أعمالهن ونشاطاتهن خصوصاً تلك التي تقدم رؤى مختلفة عما هو سائد سياسياً او مجتمعيا أو ثقافياً، يتعرضن لحملات من المضايقة والتشهير والتشكيك في ظل صمت شبه كامل من قبل المؤسسات النسوية.

العلاقة مع الحركة النسوية:
اذا ما تحدثنا عن الحركة النسوية، فقد نختلف كثيرا، فالبعض يقول أنه لا توجد حركة نسوية، بل مؤسسات وأطر كل منها تعمل في مجالها حتى ان تشابهت في العمل، وقد يذهب البعض الآخر للقول بأن مستوى التنسيق بين هذه المؤسسات ارتقى للوصول لحركة نسوية موحدة تمثل المرأة الفلسطينية وتطلعاتها وتناضل من أجل حقوقها.
ورغم صحة بعض الادعاء الأخير، حول إنجاز تقدم على صعيد التنسيق والتشبيك بين المؤسسات والأطر النسوية الا أن  الواقع يقول أن هناك مؤسسات نسوية أهلية، وأطر نسوية تتبع أحزابها ترفع شعارات تقدمية مدنية لازال مستوى التنسيق بينها محدود وموسمي، ومؤسسات وأطر نسائية محسوبة على التيار الاسلامي ترفع شعارات في بعضها مناوئ ومتناقض مع الطرف الأول، وهو ما يجعل الحديث عن وجود حركة نسوية فلسطينية ادعاء لا يوجد ما يسنده.
وهو أحد الأسباب الذي يجعل افتراض أن الصحافية جزء من الحركة النسوية وهمي، ولا تجليات عملية له. فمستوى العلاقة بين الطرفين انحسرت تقريباً في إطار المصالح المتبادلة (الصحافية بحاجة لما تكتب عنه، والمؤسسة بحاجة لمن يكتب عنها) وما شذ عنه كان محدوداً وفردياً.
وعلى رغم الدور المتقدم الذي لعبته بعض المؤسسات النسوية على صعيد تدريب واستكتاب الصحافيات خصوصاً الصاعدات منهن، الا أنهن غبن عن مستويات أعلى للعلاقة مثل المشاركة في صوغ السياسات بشكل عام، والمتعلقة بمهنتهن على وجه التحديد، وعن تولي مهمات صحافية مركزية في إطار هذه المؤسسات.

ويمكن تلخيص ملاحظات الصحافيات حول العلاقة مع المؤسسات الأهلية في قطاع غزة في التالي:
الإيجابيات:
-         قدمت بعض المؤسسات النسوية، وتحديداً مركز شؤون المرأة مجالا للتدريب في فنون العمل الصحفي، والتثقيف حول قضايا النساء لعدد كبير من الصحافيين والصحافيات، خصوصاً في موضوع الحساسية الجندرية في الكتابة الصحفية، والاعلام البديل (المدونات) الأمر الذي عزز من قدرات الصحافيات.
-         وأتاحت مجلة "الغيداء" التي يصدرها مركز شؤون المرأة، و"صوت النساء" الصادرة عن طاقم شؤون المرأة، وكذلك مجلة "ينابيع" فيما مضى، ميداناً للتعريف بعدد كبير من الصحافيات، وتعزيز خبراتهن وقدراتهن على الكتابة في شؤون النساء.
-         مساهمة مؤسسة فلسطينيات (ضمن مشروع) في تمكين الصحافيات من تكوين نادي الصحافيات الفلسطينيات، جهد يقدر لها، وهو اسهام مهم في خدمة الصحافيات وتنظيم وتطوير أوضاعهن.
-         حرص المؤسسات النسوية على دعوة الصحافيات لفعالياتهن ونشاطاتهن، خصوصاً ذات الطابع الوطني، والمرتبطة بمناسبات عالمية، وكذلك تكريم بعضهن واستشارة بعضهن الآخر في قضايا محددة.

السلبيات:
-         غابت المؤسسات والأطر النسوية عن محطات هامة للمرأة الصحافية مثل تهميش دورها في نقابة الصحافيين، والتنكر لحقوق عشرات الصحافيات بالعضوية والترشح والانتخاب، وكذلك عن استمرار استغلالها في المؤسسات الصحافية المختلفة سواء على بند التطوع أو التدريب، أو العمل في ظل شروط عمل غير قانونية وغير عادلة.
-         انتقال أشكال من الفساد الاداري لهذه المؤسسات من حيث احتكار بعض الصحافيين أو الصحافيات للعمل مع مؤسسات معينة تبعاً لعلاقات شخصية أو لمصالح متبادلة سواء فيما يتعلق بالتدريب أو بأعمال أخرى.
-         انحسار العلاقة بين الأطر النسوية مع الصحافيات بشكل خاص، والمؤسسات الى حد ما في إطار استخدامي.
-         تلكؤ المؤسسات النسوية في تطوير منابرها الصحافية، أو استحداث وسائل إعلام جديدة توفر ميداناً للتعبير عن قضايا المرأة وهمومها وتطلعاتها من منظور إنساني ونسوي، خصوصاً وأن الواقع الإعلامي مجافي للفكر النسوي ويتبنى النظرة النمطية في التعاطي مع قضايا النساء.
-         تراجع دور المؤسسات النسوية بعد الحسم العسكري الذي نفذته حركة "حماس"، وتحولها للعمل بصمت في إطار مشاريعها المعتادة مع النساء، وهو ما جعلها وقياداتها بعيدة عن الإعلام وعن التعليق على واقع سياسي ومجتمعي واقتصادي غير مسبوق، له تداعيات خطيرة على النساء ومصالحهن، وانحسر ذكر المؤسسات النسوية في أخبار تغطي نشاط هنا أو دراسة هناك.
-         عجزها عن تخريج قيادات نسوية جديدة، وتراجع أداء من تبقى من قياداتها القديمة حتى لم يعدن يمثلن الا أنفسهن أو المؤسسات التي ينطقن باسمها.
-         ترفع بعض العاملات في المؤسسات النسوية وحتى بعض قياداتها عن التعاون مع الصحافيات والتنسيق معهن، والتعامل معهن بتكبر في أحيان عدة.
-         ضعف رد المؤسسات النسوية على انتهاكات مارستها حكومة غزة بحق النساء اللواتي تدعي المؤسسات أنها تمثلهن، مثل "فرض الحجاب على الطالبات والمحاميات وغيرهن، ومنع تدخين النرجيلة للنساء فقط، وأخيرا ضرب النساء في سابقة استثنائية في مجتمعنا الفلسطيني في فعاليات الحراك الشعبي في 15 آذار وما بعده، وبالأخص اتجاه تعرض عدد من الصحافيين لانتهاكات بحقهن من اعتقال أو تطاول أو مصادرة معدات.

المطلوب من المؤسسات والأطر النسوية وكذلك المؤسستين الرسمية والأهلية:
على رغم جزمي بأهمية المؤسسات النسوية في دعم المرأة الصحافية لا أنني أدرك ان أي تغيير في واقع المرأة العام والاعلامي يتطلب تضافر الجهود من المؤسسات الرسمية والأهلية كافة، ولا يلقى بأي حال من الأحوال على كاهل أحد أقطابه فقط، الا أنني أوجز بعض مجالات العمل التي يمكن للمؤسسات النسوية أن تسهم في الوصول إليها بشكل مباشر:
1.      المساهمة في صوغ سياسة صحافية نسوية تقدم المرأة في الاعلام كمواطنة وإنسانة لها حقوق وعليها واجبات.
2.      العمل على إنشاء مرصد إعلامي نسوي، يعمل على متابعة صورة المرأة في وسائل الاعلام المحلية، ويفتح الباب لتدريب وتشغيل الصحافيات.
3.       وضع مهمة تعدد وتنوع المنابر الصحافية النسوية على رأس سلم المؤسسات والاطر النسوية.
4.       متابعة الانتاج الصحفي للصحافيات، بهدف تشجيع من يكتبن بوعي جندري، وخرط من يناهضنه بوعي أو من دون وعي في إطار برامج تثقيفية وتدريبية ترفع من وعيهن واحساسهن بمعاناة النساء وحقوقهن.
5.       رفد الصحافيات بنماذج إيجابية للمرأة الفلسطينية من واقع تماس المؤسسات النسوية مع قصص نساء مهمشات تسهم في تغيير صورة المرأة النمطية بالاعلام.
6.        تنظيم جهد الصحافيات حاملات الفكر النسوي في إطلاق حملات صحافية -كل عبر مؤسستها- في قضايا محددة للمرأة الفلسطينية، وتشجيعهن على إبراز النساء من خلال فنون العمل الصحفي المختلفة خبر، تقرير، قصة، تحقيق، استطلاع، ريبورتاج.
7.        تعزيز التواصل الإنساني والعملي مع الصحافيات والحرص على تكامل الأدوار.
8.        تكثيف الدراسات النسوية خصوصاً ذات العلاقة بعمل الصحافية وبتطوير أوضاعها.
9.       دعم أي مبادرات للملمة الصحافيات وتوحيدهن، واسناد القيادات الصحافية النسوية في المحافل والمواقف المختلفة على قاعدة أن الصحافيات جزء من الحركة النسوية ولسن أدوات.
10.                       استقطاب الصحافيات اللاتي أثبتن جدارتهن في العمل الإعلامي لتدوير خبراتهم للجيل الناشئ من الصحافيات والصحافيين.
11.                          تكثيف الحضور النسوي بالفعل والكلمة إزاء كل ما يجري على الساحة الفلسطينية، الامر الذي سينعكس ايجاباً على الصحافيات وعلى صورة المرأة في الاعلام.

 * الورقة مقدمة لأعمال المؤتمر الأول لنادي الإعلاميات الفلسطينيات اليوم الموافق 5/4/2011 في قاعة فندق الكمودور بغزة، الذي نظمه النادي بالتعاون مع مؤسسة فلسطينيات وملتقى إعلاميات الجنوب تحت عنوان "الصحافيات والحركة النسوية آفاق وتحديات".
-----------------------------------

منظور الشباب لدورهم في قيادة التنمية والتغيير 


إعداد: سامية الزبيدي 



دأبت الهيئات الفلسطينية الرسمية والأهلية على التأكيد على أهمية الشباب ومحورية دورهم، الا أن التطبيق العملي لهذه التأكيدات ظل حبراً على ورق إلى حد كبير. 

ففي الوقت الذي قاد فيه الشباب الحركة الوطنية الفلسطينية فكرا وممارسة، فشكلوا حالة اشتباك دائم، ومصدر قلق للغزوة الصهيونية على الأرض الفلسطينية والعربية. فإن هذه الحركة تنكرت لمنطلقاتها الأولى واحتكرت التجربة، ورفضت التداول السلمي للأجيال، خصوصاً بعد وأد الانتفاضة، وتوقيع اتفاق أوسلو الذي أنشأت بموجبه منظمة التحرير سلطة حكم ذاتي على جزء من الأراضي المحتلة. 

وتعرض الشباب للتهميش والاقصاء، نتيجة لثقافة مجتمعية أبوية لا تثق بالشباب وقدراتهم، وتمترس القيادات الأولى بمقاعدها، وتنكرها لمنطق المشاركة السياسية سواء القائم منها على منطق الاختلاف السياسي أو العمري أو الجنسي. 

وفي العقد الأخير، تصاعدت مشاعر الإحباط واليأس لدى الشباب جراء تردي الوضع الاقتصادي المترتب عن انسداد الأفق السياسي، واستشراء الفقر والبطالة، وما أعقبة من حالة انفلات أمني، ثم اقتتال فلسطيني فلسطيني، وأخيراً تكريس الانقسام الجغرافي سياسياً ومجتمعياً بين شطري الوطن المحتل. 

وطوال هذه الفترات كان الشباب أداة في يد هذه الجهة أو تلك، ولم يتمتعوا بحقهم في المشاركة الحقيقية في التنمية الا في حدود نظرية أو شكلانية، ما عمق من الأزمة الفلسطينية عموماً، ومن قدرة الشباب على صناعة التغيير خصوصاً. 

وعلى رغم انفاق ملايين الدولارات على برامج وأنشطة شبابية نظمتها مؤسسات رسمية وغير رسمية، الا أنها لم تستطع أن تصنع أي تغيير ملموس في الواقع الفلسطيني، حيث أنها تعاملت معهم كموضوع ومنفذ لهذه البرامج والأنشطة أكثر منه كمشارك وموجه لها. ووصل الحديث عن دور الشباب في صناعة هذا التغيير لذروته بعد نجاح الشباب التونسي والمصري في إسقاط حاكميهما. وهو ما شجع مئات الشباب الناقمين على استمرار الانقسام الفلسطيني للنزول للشارع في 15 من آذار الماضي في محاولة منهم لصنع تغيير مماثل. 

وبغض النظر عن هذه التجربة بايجابياتها وسلبياتها، وإلى أين وصلت وستصل؟، فإنها كشفت عن حراك شبابي إيجابي يمكن البناء عليه، وشجعت مئات الشباب على الانخراط في اطر تنظيمية على الساحة أو تشكيل مجموعات شبابية جديدة، وأعطتهم دفعة قوية نحو تقدير ذواتهم وقدراتهم، كبديل ايجابي عن حالة الاحباط والانعزالية وتعاطي أنواع من المخدرات. 

ولأن الشباب الشريحة الأكثر قدرة على صناعة التغيير وتحقيق التنمية المنشودة، لاعتبارات تتعلق بالكم، فهم القاعدة الأعرض للهرم السكاني للمجتمع الفلسطيني، وأخرى تتعلق بالنوع لما يتوفر للشباب من ارادة وحماسة وقدرة على التغيير.. كما أن الوصول لمؤسسات ديموقراطية -شرط تحقيق التنمية- لا يتحقق من دون شراكة حقيقية لكل الشرائح المجتمعية وعلى رأسها الشباب للاسباب الآنفة الذكر. 

فإن أسئلة عن ماهية المنظور الشبابي لدورهم في قيادة التغيير والتنمية؟ وهل لهذا المنظور الموحد وجود فعلي؟ وماذا تعني قيادة الشباب للتنمية والتغيير؟ وعن أي تنمية وتغيير نتحدث؟ وما هي آفاق الوصول لهذا الدور؟ كل هذه التساؤلات وأكبر، هي مشروعة وواجبة البحث والتدقيق للمساهمة الجادة في التغيير والتنمية. 

منظور الشباب لدورهم 

الشباب الفلسطيني قطاع اجتماعي عريض، يضم في اطاره فئات متباينة التعليم والثقافة والجغرافيا الا أن لهم حاجات اساسية مشتركة، يمكن أن تكون نواة وحدتهم. 

هذه الوحدة تنطلق من معرفة هذه الاحتياجات، والاتفاق على استراتيجيات تلبيتها، ووضع الخطط والبرامج اللازمة لذلك. 

فلا يمكن الحديث عن منظور شبابي موحد من دون وجود حركة شبابية منظمة وموحدة ايضا، وهو ما يعتبره الباحث التنموي تيسير محيسن "من أهم الاستراتيجيات التنموية وحتى السياسية لما تنطوي عليه من فكرة محورية وهي الاستثمار في الشباب بصورة تسهم في تمكين الحالة الفلسطينية عموماً. وتسعى هذه الحركة، عبر عمليات التعبئة الاجتماعية وأنشطة الضغط والتأثير، إلى تضمين المنظور الشبابي في كافة العمليات والممارسات والخطط والإجراءات المؤسسية المرتبطة بإدارة المجتمع والاقتصاد والسياسة على المستويين المحلي والوطني.[1]

أما الواقع فيؤشر إلى أن هناك عشرات المجموعات، والمؤسسات، والأطر الشبابية، منفصلة الى حد بعيد، وتعيد انتاج برامجها وأنشطتها في كثير من الاحيان، علاوة على أن هذه البرامج والأنشطة لا زالت في سيرورتها التقليدية، ومنشدة إلى توجهات الممول أكثر منها نابعة من احتياجات الشباب وتطلعاتهم. 

وعلى رغم أن المؤسسات الفلسطينية الرسمية والأهلية قامت خلال العقد الأخير بتبني العديد من البرامج والسياسات الشمولية والقطاعية التي تؤثر بالشباب بشكل مباشر وغير مباشر، إلا أن العديد منها لم يأخذ بعين الاعتبار وبشكل كاف المنظور الشبابي وإدماجه في التخطيط والمضمون والتنفيذ.[2]

بل ظلت هذه المؤسسات تتعاط مع الشباب وقضاياهم باعتبارهم فئة مستهدفة وليسوا شركاء في تحديد الاحتياجات والأولويات، وفي تصميم البرامج وتنفيذها ومتابعتها وتقييمها، وربطها بحاجتنا الوطنية للتحرر والانعتاق من نير الاحتلال. 

كما أن الموروث المتراكم من فئوية ومصلحية، واستمرار هيمنة الأحزاب السياسية على هذه المؤسسات والأطر والمجموعات منعت وتمنع تآلفها في حركة شبابية موحدة على رغم أن دراسة رؤاها وأهدافها وآليات عملها تبين أن عوامل مشتركة كثيرة تجمع بينها، خصوصاً ذوات التوجه الديموقراطي منها. 

ويؤخذ عليها ايضاً ضعف مشاركة الشباب في هيئاتها الأولى، وشكلانية الحياة الديموقراطية فيها، علاوة على تغليب الجانب السياسي على فعالياتها وأنشطتها، وهي مثالب تضعف قدرة الشباب على أخذ زمام دورهم في صناعة أي تغيير ممكن، خصوصاً أن ذلك يترافق مع ضعف العامل الذاتي لدى الشباب أنفسهم المتمثل في غياب الدافعية والوعي السياسي، والتسرع في قطف ثمار مجهوداتهم، وغياب القناعة الحقيقية بأهمية العمل المشترك. 

وترى المجموعات الشبابية ومختصون بشؤون الشباب دور الشباب في عمليتي التغيير والتنمية، الذين تم استطلاع آراء عدد منهم لغرض اعداد هذه الورقة، أن هناك حاجة حقيقة للتغيير، ووعي بأهميته، وبدور الشباب في تحقيقه، الا ان ماهية هذا التغيير وحدوده، وسبل الوصول إليه لازال غير واضح المعالم. 

كما ان الشباب في كثير من الأحيان لم يستطيعوا مغادرة منطق توصيف الحال ونقده، نحو بلورة رؤية لحلول واقعية وآليات تحقيقها، لاعتبارات منها قلة التأهيل أحياناً، والخوف من مغادرة العباءة الأبوية أو العشائرية أو السلطوية أو الحزبية أحياناً أخرى، وما ينعكس بشكل واضح في انخفاض سقف المطالب الشبابية بحصة هنا أو هناك، وفي انتظارهم تضمين حقوقهم في الاستراتيجيات والقوانين بدلاً من أن يقودوا هم أنفسهم هذه العملية ويضغطوا من أجل إقرارها في الحيز العام. وهو ما يؤشر إلى ضعف ثقة الشباب بقدرتهم على قيادة التغيير وحدهم أو بمشاركة أعلى مع القادة الأكبر سناً. 

ويبرز في هذا السياق أيضاً، إسهام الشباب أنفسهم في التشكيك بأقرانهم لاعتبارات شخصية أو فئوية أو مناطقية، وتعرضت القيادات الشبابية التي برزت في الآونة الأخيرة، للفرز وحجب الثقة تبعاً لهذه الاعتبارات، ما اضعف من قدرة هذه القيادات على تمثيل الشباب وقيادتهم نحو التغيير، علاوة على أن هذه القيادات الشابة نفسها لم تستطع أن تنأى بمصالح مجموعاتهم الشبابية عن ارادة أحزابهم ومصالحهم، أو أن تعلو برؤى الشباب وبرامجهم العامة على المصلحة الحزبية. 

ويشير مختصون إلى ثقافة الخلاص الفردي التي تنامت في أعقاب قيام السلطة، وما تخللها من ممارسات تتسم بالمحسوبية والواسطة، والبحث عن الذات على حساب المصلحة العامة، والتي تعمقت أكثر إثر تكريس الانقسام الداخلي، وانشداد مجموعة كبيرة من الشباب لمصالحهم الذاتية مع أحد قطبي الانقسام وانتفاعهم بشكل مباشر من التفافهم حوله، جعل من مهمة الالتقاء على رؤية موحدة للتغيير المنشود أصعب. 

وبهذا يغيب المنظور الموحد، وبغيابه تضعف احتمالات التغيير في الوقت الراهن. 

دور الشباب في قيادة التنمية والتغيير 

بدايةً، إن افتراض أن للشباب دور قيادة التنمية والتغيير يعني أن المهمة الأولى على أجندة هؤلاء الشباب يجب أن تكون ضمان تمثيل حقيقي للشباب في كل المؤسسات الوطنية والأهلية الفاعلة على مستويات التخطيط والتنفيذ والمتابعة، ومن ثم أن يسهموا في رسم ماهية التغيير والتنمية الممكنة في ظل استمرار الاحتلال وعدوانه. 

ولا تعد المطالبة بقيادة الشباب التنمية والتغيير ترفاً أو تنكراً لدور الأجيال الأكبر، بل هو "العنصر الحيوي والفاعل الذي لن تتحقق التنمية والتغيير من دونه، وسيعود غيابه بالضرر على الدولة والمجتمع على حد سواء، ابتداءً من الأسرة إلى المؤسسة المدرسية ومروراً بمؤسسات العمل ومنظمات المجتمع المدني، ناهيك عن مشاركته في اتخاذ القرار في أعلى المستويات التي لها علاقة بقضايا التنمية، خصوصاً قضايا الشباب واستراتيجياته.[3]

إن خلق قيادات شبابية قادرة على قيادة التنمية والتغيير أو المشاركة فيهما لا يمكن بحال من الأحوال أن يتأتى من خلال قرارات آنية، بل هي محصلة لما يتم توفيره من مناخ سياسي ديموقراطي تسوده الحرية والعدالة المجتمعية، وتصان بموجبه الحقوق السياسية والمدنية والاقتصادية والمجتمعية والثقافية. 

وهي مهمة غير منوطة بطرف دون غيره، فهي عملية تراكمية يسهم الشباب أنفسهم في صناعتها. ومن هنا فإن جهود الشباب التي يتم احباطها اليوم، ستكون بالتأكيد عامل إسناد وتقوية لنجاحات الغد. 

ومن هنا فإن إسراع الشباب في تنظيم جهدهم، وتقوية حركتهم المجتمعية، وتعزيز قدراتهم، وتمكين الشباب من صنع القرار فيها، وتوسيع دائرة تحالفاتهم مع كل القوى والمؤسسات ذات العلاقة للضغط من أجل سن التشريعات القانونية اللازمة لضمان تمثيل الشباب في النظام السياسي الفلسطيني (حكومة، مجلس تشريعي، أحزاب، واتحادات، نقابات..الخ) مقدمة لقيادة الشباب لعمليتي التنمية والتغيير. 

كما أن امتلاك الشباب، وحركتهم لرؤية موحدة حول ماهية التغيير المنشود، وكيفية الوصول إليه سيسهل مهمتهم نحو قيادة هذه العملية المزدوجة والثقيلة ضد الاحتلال من جهة، والانقسام السياسي، والثقافة المجتمعية الأبوية من جهة ثانية. هذه المهمة التي لن تقابل بالترحيب أو بفرش الورود، لا من الآلة العسكرية الاسرائيلية التي دأبت على اقتناص الشباب بالقتل والاعتقال والاعاقة، ولا من البنى الفلسطينية القديمة التي لازالت تفكر ازاء مطالب الشباب بحقوقهم بعقلية الافشال والاحتواء والتبديد. 

ومن المفيد التنويه هنا الى ما يمتلكه الشباب من مصادر المعلوماتية والإعلام الجديد وهو ما يفتقر له الجيل الأكبر، وما يعطي الشباب أفضلية في قدرتهم على التواصل والتحشيد والتنظيم في عالم تكنولوجي يسحب البساط من تحت الأدوات التقليدية وممارسيها، وهو أمر يمكن أن يساعد الشباب على بلورة منظور مشترك افتراضي مقدمة لتكريسه على الأرض. 


آفاق الوصول 

تتوقف قدرة الشباب على قيادة التغيير والتنمية في المجتمع الفلسطيني على تحقيقهم مشاركة أعلى في مواقع صنع القرار على المستويات السياسية، والاقتصادية، والمجتمعية، ما يتطلب: 

- ضرورة استنهاض حركة شبابية مجتمعية تربط بين مصالح الشباب ومطالبهم، وبين مصالح المجتمع الفلسطيني الوطنية والديموقراطية، وإلى ذلك الحين، مطلوب درجة أعلى من التنسيق المنهجي والمتواصل والمستدام بين المؤسسات والأطر والمجموعات الشبابية، وتقوم هذه الحركة ببلورة رؤية شبابية ديموقراطية موحدة لحركة الشباب اتجاه مهمتي التحرير الوطني والاجتماعي. 

- النضال من أجل إنهاء الانقسام باعتباره المعرقل الأول لأي تغيير حقيقي سواء على صعيد مقارعة العدو أو النهضة الداخلية. 

- النضال من داخل الاحزاب السياسية الحالية لتحقيق درجات أعلى من المشاركة في صنع القرار داخلها على اعتبار أن الأحزاب أداة ضرورة للتغيير السياسي. 

- الضغط من أجل سن قوانين تحمي حقوق الشباب، وتمكنهم من المشاركة في صنع القرار في الهيئات الأولى الرسمية وغير الرسمية ويمكن بهذا الصدد المطالبة بحصص محددة "كوتا" في منظمة التحرير ومؤسساتها، المجلس التشريعي، الاحزاب، الاتحادات، النوادي، المؤسسات الأهلية. 

- تشجيع المشاريع الصغيرة والريادية الهادفة لتمكين الشباب وتحقيق استقرار اقتصادي لهم، وتمكنهم من المشاركة بدرجة أعلى في التنمية الاقتصادية. 

- إشراك الشابات على قدم المساواة في الحراك الشبابي على مستوى تحديد الاحتياجات، ووضع الخطط وتنفيذها ومتابعتها وتقييمها. 

- دعم القيادات الشابة (النموذج) القادرة على حيازة ثقة الشباب. 

- العمل على زيادة الوعي المجتمعي لدى الشباب، ورفع مستوياتهم الفكرية والثقافية. 

- مكافحة القيم السلبية لدى الشباب، والممارسات الضارة بهم وبمجتمعهم. 

- تشجيع العمل الطوعي، عبر اعتماده جزء من الخطة الدراسية الجامعية ومن أهدافهم المؤسسات الرسمية والأهلية على حد سواء. 

- استثمار تكنولوجيا المعلومات والاتصالات في تطوير قدرات الشباب وامكانياتهم، وتنظيم عملهم وتواصلهم. 


* مقدمة للمؤتمر الفلسطيني الأول الشباب قادة المستقبل – غزة 29 نوفمبر 2011 الذي نظمه معهد دراسات التنمية تحت عنوان " نحو شباب قادر على قيادة التنمية و التغيير " في فندق المتحف بغزة.

[1] تيسير محيسن، "استراتيجيات التنمية الشبابية في فلسطين"، ورقة عمل، مركز دراسات التنمية- بيرزيت 
[2] السياسة الوطنية للطلائع والشباب http://www.moys.ps/atemplate.php?id=45
[3] د. عبد الحسين شعبان، مقال بعنوان الشباب والتنمية


---------------------------------------------------------

سبل تعــــزيز قضــــايا المــــرأة في الاعــــــلام الفلســـطيني


إعداد الصحافية:
ســــــــامية الزبيـــــــــــدي


ينشد الاعلام الفلسطيني بمختلف وسائله نحو الشأن السياسي، مدفوعاً من واقع الاصطدام المستمر مع الاحتلال الاسرائيلي حيناً، ومن غياب استراتيجية إعلامية موحدة، تنطلق من رحمها رؤى وبرامج عمل وسائل الاعلام الفلسطينية سواء كانت مرئية أو مسموعة أو مطبوعة، أو الكترونية، ناهيك عن قصور قانوني منظم لعمل هذه الوسائل.
وهو ما يلقي بظلال واضحة على تناول الاعلام للقضايا المجتمعية بشكل عام، والنسوية بشكل خاص.
كيف يمكن تعزيز قضايا المرأة في وسائل الاعلام المحلية؟ سؤال يجمع الباحثين/ات والاعلاميين/ات في هذا المجال على أن المدخل إليه يكمن في مستويين متوازيين، الأول على مستوى صانع الرسالة الاعلامية: عبر تمكين الإعلاميات من الوصول لمواقع صنع القرار في وسائل الاعلام الفلسطينية من ناحية، وتنمية الحساسية الجندرية لدى العاملين في صناعة الإعلام، بمعنى تغيير وعي الإعلاميين والاعلاميات الذكوري، نحو إيمان حقيقي بمفاهيم العدالة المجتمعية، وبدور الإعلام في تعزيز هذه المفاهيم التي لا تخدم المرأة وحقوقها فقط، بل المجتمع بأكمله من ناحية أخرى.
والثاني على مستوى مضمون الرسالة الاعلامية: عبر تعزيز قضايا المرأة في وسائل الاعلام، وهو ما ستحاول هذه الورقة تحديد ملامح الطريق إلى ذلك.

أولاً: الخطاب الإعلامي على الصعيد السياسي:
- اضطلاع الإعلام بدور حقيقي على صعيد توعية المرأة بحقوقها وواجباتها السياسية.
- دعم حق المرأة في الوصول للمؤسسات الوطنية والقضائية والتشريعية والمحلية والحزبية والأهلية والخاصة.
- ابراز دور المرأة ونضالاتها المستمرة جنباً إلى جنب مع الرجل في مواجهة الاحتلال وصلفه.
- كفالة حق التعبير عن الرأي للمرأة في الشأن السياسي عبر إسماع صوتها في القضايا السياسية المختلفة عبر الاعلام.
- تسليط الضوء على القيادات السياسية النسوية بنجاحاتهن واخفاقاتهن.
- فضح سياسات الاقصاء والتمييز والعنف السياسي الموجه للمرأة.
- اطلاق الحملات الإعلامية الداعمة لحقوق المرأة السياسية.

ثانياً: الخطاب الإعلامي على الصعيد المجتمعي:
- الاسهام في اعادة تشكيل الصورة الذهنية للمجتمع عن المرأة ودورها واهتماماتها وتطلعاتها.
- عرض الأدوار المختلفة للمرأة، الانجابي، كما الانتاجي، كما الاجتماعي.
- اعادة الاعتبار للمرأة المزارعة والريفية المهمشة اعلامياً، ويسلط الضوء على قضايا النساء اليافعات والشابات والمسنات.
- تسليط الضوء على المرأة صاحبة الاعاقة، وعلى واقعها، وتطلعاتها، ونجاحاتها من جهة، وعلى ما تعانيه جراء التمييز المزدوج القائم على الجنس والاعاقة معاً من جهة ثانية.
- تنمية الوعي بأهمية التعليم والتدريب المهني والتقني للنساء.
- رفض كل أشكال التمييز والتعنيف ضد المرأة، ويحذر من تداعياته على المجتمع بأسره.
- توعية النساء بأدوات التكنولوجيا الحديثة، وأدوات الإعلام الجديد، وإبراز أدوارهن في هذا المجال.

ثالثاً: الخطاب الإعلامي على الصعيد الاقتصادي:
- تعميق وتشجيع حق المرأة في الوصول للموارد والأصول الاقتصادية من جهة، وحقها في العمل والمشاركة في عملية التنمية الاقتصادية من جهة ثانية.
- توعية المرأة والمجتمع ببرامج الدعم الاقتصادي المحلية والدولية وتوسيع آفاقهم بشأن مجالات العمل الانتاجي المتاحة (غير التقليدية).
- معالجة عادلة لقضايا الفقر والبطالة باعتبار المرأة أحد المتضررين الرئيسين منهما.
- الكشف عن الاستغلال الاقتصادي الذي تتعرض له النساء في البيت والمزرعة والمصنع والمؤسسة.
- تنظيم الحملات الاعلامية الهادفة للضغط من اجل اقرار قوانين ولوائح عمل تضمن الحد الأدنى من الاجور للعاملات والعاملين على حد سواء، وتمنع أي تمييز في العمل على أساس الجنس.
- تسليط الضوء على الأدوار الانتاجية المتميزة التي تلعبها النساء، خصوصاً صاحبات الأعمال، والمشاريع الكبيرة والمتوسطة والصغيرة في ظل اقتصاد تحت الاحتلال.
- الرقابة على الأدوار الاقتصادية المختلفة للسلطة، ومؤسسات المجتمع المدني، والخاصة، ومدى تمكينها لحقوق النساء والرجال الاقتصادية.

رابعاً: الخطاب الإعلامي على الصعيد القانوني:
- توعية المرأة بحقوقها القانونية، والمجتمع بأوجه القصور القانوني التي تتنافى مع مصالح المرأة والأسرة.
- دعم حق المرأة في قانون أحوال شخصية عادل وإنساني، وتعديل كل القوانين المجحفة بحقها على هذا الصعيد.
- كشف أوجه قصور الجهاز التنفيذي للقانون وأحكامه بدءً بمركز الشرطة وليس انتهاءً بالمحكمة المختصة في الالتزام بروح القوانين ونصوصها في تمكين النساء من الحصول على حقوقها القانونية من دون مماطلة أو اساءة أو مساومة.
- تسليط الضوء على قضايا النساء القانونية من جهة، ودور المرأة المحامية والقاضية من جهة أخرى.

خامساً: الخطاب الإعلامي على الصعيد الصحي:
- تعزيز مفاهيم الصحة الانجابية في المجتمع الفلسطيني.
- توعية النساء ازاء المخاطر الصحية المحدقة بهن وبعائلاتهن.
- توعية المجتمع بمفهوم الصحة النفسية وأهميته أسوة بالصحة الجسدية في سلامة المجتمع وهناءه، خصوصاً لجهة تأثيرها على المرأة والطفل بشكل خاص.
- دعم وتنظيم الحملات الاعلامية الصحية المتصلة بأمراض خاصة بالنساء مثل (سرطان الثدي وعنق الرحم الأكثر فتكاًً بالنساء الفلسطينيات من بين انواع السرطان الاخرى)، وكذلك أمراض فقر الدم وغيرها.
- تسليط الضوء على النساء من ذوات الاحتياجات الخاصة، وتقييم البدائل المطروحة للحفاظ على صحتهن وتنمية قدراتهن الجسدية والذهنية.

سادساً: الخطاب الإعلامي على الصعيد الثقافي:
- إعطاء مزيد من الاهتمام للابداعات النسوية في الحقول الثقافية المختلفة وابراز المشاركة النشطة للمرأة في المجال الثقافي.
- تقديم صور ايجابية للمرأة المثقفة، المتعلمة، الناجحة نقيضاً لموروث المجتمع الثقافي الذي يهمش المرأة ويقلل من امكاناتها.
- الاسترشاد بكل ما هو إنساني في الموروث الثقافي للمجتمع في دعم حقوق المرأة.

خلاصة:
إن الوصول لخطاب إعلامي يأخذ في عين الاعتبار قضايا النساء على الصعد المختلفة لا يمكن أن يتأتى من دون الضغط الجمعي من قبل الاعلاميين/ات، والمؤسسات والأحزاب والجهات المختلفة المؤمنة بحقوق المرأة والرجل على حد سواء في مجتمع تسوده قيم الديموقراطية والحرية والعدالة المجتمعية، ضغط ينصب في اتجاه رسم استراتيجية إعلامية وطنية منظمة لعمل كل وسائل الاعلام بمختلف تخصصاتها، تضمن في صميمها احترام حقوق الانسان عموماً، والمواطن خصوصاً، وفي القلب منها حقوق النساء والمهمشين إعلامياً.
ولئن كان التزام وسائل الاعلام بهذه الاستراتيجية مرتبط بمدى قوة جهة الاصدار (سلطة أو نقابة) وقدرتها على الالزام عبر تطبيق فلسفة العقاب والثواب، فإن ذلك لا يلغي ضرورة أن تحتكم كل مؤسسة إلى استراتيجيتها أو رؤيتها الخاصة شرط أن تكون مكتوبة ومتبوعة بآليات ملزمة لتطبيقها.
كما أن فكرة إنشاء مرصد إعلامي نسوي تصبح ضرورة ملحة في هذا السياق، كأحد أوجه الضغط في اتجاه إعلام عادل وتنويري أكثر، عبر توثيق ورصد النجاحات كما الاخفاقات، وتعميمها.
وكذلك تشجيع الإعلاميات والاعلاميين على تناول الشأن النسوي من خلال ابتداع وسائل التنافس الإعلامي الشريف مثل مسابقة أفضل عمل إعلامي حول قضايا المرأة التي كان المعهد الفلسطيني للاتصال والتنمية المبادر الأول لتنظيمها.

* مقدمة للمعهد الفلسطيني للاتصال والتنمية ضمن مؤتمر حول:
"دور الاعـــــــــــلام في تعــزيز حقوق المـــــــرأة" الذي عقد في 7 ديسمبر 2011 بفندق جراند بالاس بغزة
-------------------------------


معهد كنعان التربوي النمائي

دور المؤسسات النسوية في تغيير صورة المرأة في الإعلام

إعداد: سامية الزبيدي
2-8-2004
من المعلوم إن إنشاء المؤسسات والجمعيات والاتحادات والأطر النسوية جاء من اجل المساهمة في عملية التغيير المجتمعي والتحول الديمقراطي، والنهوض بواقع المرأة كأحد أهم مرتكزاته، الأمر الذي يتطلب بصورة أساسية تغيير صورة المرأة التقليدية التي تكرس استمرار التمييز ضدها.
ويبدو الدور والعبء أكثر صعوبة أمام هذه المؤسسات في ظل الردة الحاصلة في نظرة المجتمعات عموما، والمجتمع الفلسطيني خصوصا للمرأة، وهو ما يتجلى في العودة للنظر والتعامل مع المرأة كجسد للمتعة، وسلعة للتملك من خلال الإعلانات، والفيديو كليبات، والأفلام، وعروض الأزياء، والجمال، وتلفزيون الواقع وغيرها من الأشكال الإعلامية التي تقدمها وسائل إعلامنا الفلسطينية والعربية والعالمية، فيما تختفي منها كل صور المرأة المتعلمة والمنتجة و المُشاركة في صنع الحياة جنبا إلى جنب الرجل، وهو ما يفرض على المؤسسات النسوية الفلسطينية أسوة بغيرها من المؤسسات في جميع أنحاء العالم التصدي بشكل أكثر قوة لهذه الصورة الجاهلية عن المرأة والعمل على تغييرها.
ولعل أهم أدوات هذا التغيير هو الإعلام ووسائله (تلفزيون، إذاعة، صحف، مجلات، نشرات، انترنت) الذي يقع على عاتق الحركة النسوية (مجموع المؤسسات والجمعيات والاتحادات والأطر النسوية) دور كبير في تجييرها أو امتلاكها وتسييرها لصالح تغيير صورة المرأة المعروضة في هذه الوسائل.
ما هو دور الحركة النسوية الفلسطينية في تغيير صورة المرأة في الإعلام الفلسطيني؟، تساؤل تحاول الورقة المقدمة الإجابة عليه.
ملاحظة:
ستتناول الورقة بالدراسة فقط الأطر والمراكز والمؤسسات والاتحادات النسوية التي يصل منتوجها الإعلامي إلى قطاع غزة لصعوبة حصر نشاطاتها الإعلامية جميعا على الباحثة كما ستستثني الباحثة "المنشورات والبروشورات" التي تصدرها المؤسسات النسوية، وسيتم التركيز على الوسائل الإعلامية الأكثر فاعلية وجماهيرية وهي (التلفزيون- الإذاعة- الصحف- المجلات- الانترنت).
أولا: واقع الحركة النسوية الفلسطينية إعلاميا:
أ‌- تتوزع الأطر والمراكز والمؤسسات والاتحادات النسوية في الضفة الغربية وقطاع غزة كالتالي:(1)
·  الأطر والجمعيات النسوية: اتحاد لجان العمل النسائي، اتحاد لجان المرأة الفلسطينية، اتحاد لجان المرأة للعمل الاجتماعي، اتحاد لجان المرأة العاملة، اتحاد لجان كفاح المرأة، اتحاد لجان نضال المرأة، جمعية العمل النسوي، جمعية الهدى وجمعية الخنساء.
·       الاتحاد العام للمرأة الفلسطينية وما ينضوي تحت مظلته من جمعيات خيرية.
·  المراكز والمؤسسات النسوية المهنية والمتخصصة: مركز المرأة للإرشاد القانوني والاجتماعي، مركز الدراسات النسوية، طاقم شؤون المرأة، مركز مشرقيات، جمعية المرأة العاملة للتنمية، مركز شؤون المرأة.
·       أنوية العمل النسوي التي برزت خلال الانتفاضة مثل نواة، ونساء تحت الحصار.
ب‌-      حصرت الباحثة المؤسسات التي تمتلك وسائل إعلام خاصة بها، ويصل إنتاجها الإعلامي إلى القطاع في ثلاث مؤسسات فقط من بين كل المؤسسات التي ذكرت سابقا (وهو مؤشر خطير من وجهة نظر الباحثة) إحداها تمتلك صحيفة نصف شهرية، وأخرى تمتلك مجلة تصدر كل شهرين، فيما تصدر الأخيرة مجلة غير منتظمة الصدور (موسمية)، هذا على صعيد الصحافة المكتوبة، أما مجالي الإذاعة والتلفزيون فلا تمتلك الحركة النسوية أيا منهما، فيما تقدم مؤسسة واحدة فقط برنامجا إذاعيا، والمؤسسات الثلاث ومنتوجها هو:
·  طاقم شؤون المرأة الذي يصدر صحيفة نصف شهرية "صوت النساء" وهي أول جريدة نسوية تصدر وتحافظ على استمراريتها مدة طويلة، (وهي تجربة رائدة في هذا الميدان) إضافة إلى برنامج بعنوان "ضد الصمت" يقدمه الطاقم من خلال الإذاعات المحلية بالضفة.
·  جمعية المرأة العاملة للتنمية التي تصدر مجلة كل شهرين بعنوان "ينابيع" (كانت تصدر سابقا كصحيفة نصف شهرية) وتوزع في قطاع غزة على نطاق ضيق جدا بسبب إهمال الجمعية لعملية توزيعها، مما يجعلها عديمة التأثير في الوسط الإعلامي والجماهيري في القطاع.
·  مركز شؤون المرأة يصدر عنه مجلة غير دورية بعنوان "الغيداء" (موسمية) وهي محدودة التوزيع والانتشار الجماهيري أيضا.
ت‌-      تواجه أغلب المؤسسات صعوبة في الحصول والحفاظ على استمرارية التمويل الخاص بإنشاء وإصدار الوسائل الإعلامية، فيما لم تقم المؤسسات بالتعاون أو التنسيق فيما بينها لحل هذه المشكلة والمشاركة جميعا بالإمكانات الموجودة لامتلاك أداة إعلامية صاحبة تأثير واسع بدلا من تناثر الجهود على منشورات ومطبوعات قليلة الانتشار والتأثير، في الوقت الذي يشهد سوق القراءة ضعفا مستمرا.
ث‌-       لم تسهم المؤسسات النسوية بدور ملحوظ في التأثير على وسائل الإعلام الفلسطينية المختلفة لصالح قضايا النساء، ويقع جزء كبير من القصور في ذلك على عاتقها حيث لم تبذل الجهد الكافي لتفعيل هذا الدور.
ج‌-       أعطى عدد من المؤسسات والأطر والاتحادات أهمية نسبية للإعلام، من خلال إنشاء دوائر وبرامج خاصة بالإعلام والتعامل مع وسائله والعاملين فيه، أو من خلال تسويق نشاطاتهم ونشر أخبارهم في هذه الوسائل، فيما حاول البعض بشكل فردي وموسمي التنسيق مع أرباب هذه الوسائل لتقديم برامج أو تقارير حول المرأة، إلا أن ذلك كله ظل قاصرا عن إحداث التأثير المطلوب ألا وهو تجيير هذه الوسائل لصالح قضايا النساء وحقوقهن، لتكون أداة لتغيير هذا الواقع، ويتضح ذلك من خلال تقييم تعامل المؤسسات النسوية مع وسائل الإعلام الآتية:
·  التلفزيون والفضائية الفلسطينية: ساهمت وساعدت المؤسسات النسوية في إعداد وطرح الأفكار والمشاركة في برامج خاصة حول النساء (كوتا خاصة في التلفزيون والفضائية)، إلا أن هذه المساهمات ظلت مرهونة بالطلب من قبل معدي هذه البرامج، والعلاقات الشخصية وعامل الصدفة، من قبل القائمين على المؤسسات النسوية ووسائل الإعلام معا، أي أن المساهمة في هذه البرامج كانت إما عبر توجه معدي البرامج للمؤسسات بحثا عن فكرة أو مشاركة معينة، أو كانت عبر علاقات شخصية مكنت المؤسسة النسوية من إقناع القائمين على البرنامج أو التلفزيون بإعداد برنامج نسوي أو تقديم قضية محددة تخص النساء، وغالبا ما يحدث ذلك التعاون عن طريق الصدفة وليس عن ترتيب وتنظيم مسبق، كما لم تبادر أي مؤسسة بالتنسيق مع مؤسسات نسوية أخرى أو بمفردها بترتيب لقاء مع القائمين على التلفزيون الفلسطيني لبحث سبل التعاون لتقديم صورة أفضل حول المرأة، وتنظيم حملة للضغط عليه إن لم يستجب.
·  الإذاعة الفلسطينية، والإذاعات الخاصة: ما ينطبق على التلفزيون الفلسطيني الرسمي ينطبق على الإذاعة الرسمية أيضا، أما الإذاعات الخاصة فقد عمل بعضهم بنفس المنهج تخصيص (حصة) برنامج خاص بالنساء، وكان تعاون المؤسسات النسوية معها ذات التعامل مع التلفزيون أيضا، علما أن الإذاعات الخاصة المحلية تزخر بالعبارات والبرامج والأحاديث التي تكرس صورة المرأة التقليدية بل والدونية في بعض الأوقات نظرا لقلة خبرة العاملين فيها، وهو ما يتطلب اهتماما اكبر من قبل المؤسسات النسوية بها نظرا لانتشارها وتأثيرها الكبيرين، وإمكانية التعاون والتنسيق معها ممكنة، و أكثر سهولة وأقل تكلفة.
·  الصحف والمجلات: تنحصر العلاقة مع الصحف غالبا في إطار نشر أخبار المؤسسة وفعالياتها، وما عدا تجربة "صوت النساء" فليس هناك أي صحيفة نسوية، ولا يوجد أي توجه من المؤسسات النسوية – حسب المعلومات المتوافرة- حاولت أن تدفع في اتجاه تخصيص صفحة خاصة للمرأة، أو ترتيب برنامج معين لتناول ونشر قضايا أساسية وغير تقليدية حول المرأة الفلسطينية، أما المجلات فهناك مجلتان نسويتان، فيما لا تتناول باقي المجلات على قلتها وضعفها عموما من حيث الشكل والمضمون والتأثير الجماهيري قضايا النساء بعمق حقيقي.
·  الانترنت: مواقع الانترنت الخاصة بالمؤسسات النسوية على ندرتها هي مواقع تتسم بالطابع الرسمي التعريفي بالمؤسسة، ونشاطاتها، ولا يقدم قضايا المرأة الأساسية لا بشكل ولا بمضمون يتناسب مع أهمية وبريق هذه الوسيلة الحديثة نسبيا، أما المواقع الفلسطينية عموما فعلاقة المؤسسات النسوية بها ضعيفة، أسوة بباقي وسائل الإعلام ولم يتم طرق هذا الميدان بالرغم من انخفاض تكاليف خوضه مقارنة بغيره من الوسائل.
ح‌-      العلاقة مع الصحافيين/ات والإعلاميين/ات: لا شك أن اقتناع الصحافي/ة بدور المرأة وأهميته، عامل مهم وأساسي في توجهه/ا لدعم وإسناد قضاياها، إلا أن هذه العلاقة ظلت رغم محاولة بعض المؤسسات النسوية إخضاع هؤلاء الصحافيين لدورات وورش ولقاءات توعوية حول المرأة وقضاياها وحقوقها، محدودة من حيث الكم والكيف، إلا إن بعض المؤسسات النسوية نجحت في تجنيد وإقناع عدد من الصحافيين/ات وطلاب الصحافة بقضايا النساء، فيما ترجع الباحثة عدم نجاحها في إقتناع الجزء الأكبر منهم بذلك إلى عاملين هما، أن تغيير الفكر صعب عموما، ثانيا أن المدخل الذي تقصده المؤسسات النسوية خاطئ (من وجهة نظر الباحثة)، فكيف يمكن أن اخضع صحافي/ة لدورة حول كيفية دعم وإسناد قضايا المرأة ومساهمته/ا في حملات توعية وتعبئة وضغط حول قضايا النساء، فيما أتجاهل أو أتغافل عن التأكد من إيمانه/ا أصلا بان للمرأة حقوق، أو أن حقوقها مهضومة والعمل على إقناعه/ا بأصالة هذا الحق.
خ‌-      غالبية النشرات والمجلات والصحف يتركز توزيعها في المدن الرئيسة فيما لا تكاد تصل إلى المواطن/ة العادي/ة في المخيمات والقرى والحارات.
د‌- أثر الوضع السياسي المضطرب في فلسطين، واشتداد الهجمة الصهيونية على نوع القضايا النسوية المطروحة إعلاميا، وحتى على نشاطات المؤسسات النسوية ذاتها، فقد شهدت صورة المرأة أم الشهيد الثكلى، والمكلومة على أرضها المجرفة، و بيتها المهدم، حضورا إعلاميا أكبر من الصور الحياتية الأخرى للمرأة، فيما انشغلت المؤسسات النسوية أسوة بمؤسسات المجتمع قاطبة في تقديم الخدمات الإغاثية والأساسية للمواطن/ة منذ بدء الانتفاضة وحتى وقت قصير فائت، إلا أن المشكلة الأكبر ظلت- ليس في مضمون المواد الإعلامية المنشورة- بل في وجودها أصلا، وفي وصولها إلى المواطن البسيط في كل أماكن تواجده.
ثانيا: كيف تساهم المؤسسات النسوية في تغيير صورة المرأة في وسائل الإعلام:
تستطيع المؤسسات النسوية المساهمة في تغيير هذه الصورة وهو الدور المأمول منها القيام به عبر الآتي:
1-تحديد أهدافها بشكل دقيق، ووضع برامج محددة ومنظمة للتعامل مع الإعلام و محاولة ترتيب أولويات قضاياها وطرقها تباعا بكم وكيف يضمن الحد الأدنى من التغيير المجتمعي اتجاه القضية المثارة.
2-توحيد جهود المؤسسات والأطر والاتحادات النسوية والتنسيق فيما بينها لتلافي التكرار وتداخل العمل، ودعم التكامل فيما بينها للوصول إلى التأثير المطلوب.
3-امتلاك وسيلة إعلامية ذات تأثير وانتشار جماهيري واسع مثل "إذاعة- تلفزيون خاص" يتناول هموم وقضايا المرأة، ويعرض صورتها الايجابية، ومشاركتها الفاعلة في المجتمع الفلسطيني، ويتأتى ذلك عبر التنسيق والتشبيك والتعاون بين المؤسسات النسوية جميعا أو بعضها، سواءً عبر الإمكانات المحلية او عبر الحصول على تمويل حكومي فلسطيني إن أمكن وهو احد المتطلبات الطبيعية (من وجهة نظر الباحثة) من وزارة شؤون المرأة، أو حتى تمويل خارجي، وفي الحالات الثلاث سيكون الأمر أكثر سهولة، لو كثفت ووحدت الموارد والإمكانيات.
4-تكثيف الدوريات المطبوعة من صحف ومجلات ونشرات والمحافظة على دوريتها، وتوزيعها بشكل اكبر خصوصا في المناطق المهمشة.
5-خوض مجال الانترنت واستغلال هذه الوسيلة ذات الانتشار المتزايد يوما بعد يوم لصالح قضايا النساء.
6-عقد لقاءات مع مسؤولي وسائل الإعلام وتعزيز أواصر العلاقة معهم، والبحث سويا في إمكانات التعاون المتبادل لصالح قضايا النساء، وفي حال عدم الاستجابة، يجب على المؤسسات النسوية استخدام وسائل مهمة للضغط عليهم، منها "الرسائل، والعرائض الاحتجاجية لمسؤولي الإعلام، الوزراء، نواب البرلمان وغيرهم، المقاطعة، تنظيم التظاهرات، فضح هذه الممارسات عبر المنشورات الإعلامية الخاصة بالمؤسسات النسوية".
7-عقد لقاءات مع الصحافيين/ات والإعلاميين/ات والكتاب بهدف تعزيز العلاقة والوصول إلى فهم مشترك حول سبل خدمة قضايا النساء إعلاميا، والتقرير في الآليات العملية لضمان ذلك، إضافة إلى التوصل إلى اتفاقيات تعاون متبادل، وتطوير قائمة عربية فلسطينية بالمصطلحات الإعلامية الخاصة بقضايا المرأة مثل "الجندر" لتتناسب مع ثقافة وفهم المواطن الفلسطيني.
8-استقطاب الصحافيات وطالبات الصحافة والإعلام في جامعاتنا، فلا شك أن اقتناع المرأة الإعلامية بدورها وحقوقها عامل مهم على صعيدين، فمن ناحية تدفع هي في اتجاه تغيير صورة المرأة عبر عملها، ومن ناحية أخرى تقدم بشخصها ومكانتها الإعلامية نموذجا حيا لأحد أدوار المرأة الحقيقية والمهمة، وهنا تبرز أهمية اهتمام المؤسسات النسوية بشكل أكبر بهؤلاء الإعلاميات والصحافيات خصوصا في ظل الزيادة الملحوظة في أعدادهن، وتطور مكانتهن ، وكذلك الأمر بالنسبة للأعداد الكبيرة من الطالبات اللواتي يتوجهن سنويا لدراسة هذا التخصص في جامعات القطاع، بما يمثلن في هذه المرحلة من تربة خصبة لتقبل كل جديد ومفيد.
9-تشجيع المبادرات الإعلامية التي تتصدى بشكل أو آخر لقضايا النساء وتعرض جوانب ايجابية حولها، سواء من خلال الصورة أو الخبر أو المقالة أو التحقيق أو الندوة أو المقابلة، وتخصيص جوائز مالية ومعنوية لهذا الغرض، علاوة على أن إقامة حفلات سنوية لتكريم أفضل هذه الأعمال سيكون ذو تأثير مهم.
10-     تنظيم ورش وندوات ودورات تدريبية وتوعوية للصحافيين/ات، والدارسين/ات في مجال الإعلام، لإكسابهم المهارات المهنية اللازمة في العمل الصحافي، خصوصا الصحافيات منهم-اللواتي يجب على المؤسسات النسوية تقديم الدعم الكامل لهن بكل الوسائل المتاحة- إضافة إلى مساعدتهم على فهم واستيعاب وتأييد قضايا النساء.
11- تقديم النماذج المختلفة للمرأة الفاعلة في المجتمع الفلسطيني والعربي والدولي عبر وسائل الإعلام الفلسطينية المتعددة، فتلفت نظر المشاهد والمستمع والقارئ الفلسطيني لدور المرأة الشامل والمتنوع شمولية الحياة وتنوعها، فتقدم المرأة المزارعة، والمصنعة، والطبيبة، والمهندسة، والمدرسة، والصحافية، والمحامية، والشاعرة، والأديبة، والوزيرة، والمديرة...الخ من المهن والنماذج للنساء المعطاءات والمبدعات، لتشكل هذه الصورة السد المنيع أمام الهجمة الشرسة للصور التافهة و السطحية للمرأة.
12- عمل بنك للمعلومات، يتضمن كل ما ينشر في وسائل الإعلام من تقارير وريبورتاجات حول المرأة، بهدف الاستفادة منها في عمل دراسات حول تناول الإعلام لقضايا النساء، إضافة إلى متابعة ما ينشر والتعليق عليه، ومحاولة تعديل الأخطاء والأفكار المشوهة حول المرأة عبر التواصل مع كاتب/ة أو ناشر/ة هذه التقارير.
نخلص مما سبق إلى:
على رغم تقصير وضعف دور المؤسسات النسوية في تغيير صورة المرأة في وسائل الإعلام الفلسطينية، إلا أن الواضح في الوقت الحالي أن التأثير الأكبر على جماهيرنا الفلسطينية أسوة بجماهيرنا العربية، يأتي من وسائل الإعلام ذات الانتشار الواسع، وأقصد تحديدا الفضائيات العربية والأجنبية، والتي لا تعكس الصورة الحقيقية للمرأة، بل لا أكاد أغالي إن قلت أن الفضائيات أسهمت في شكل كبير في إعادة المرأة إلى حضيرة الجاهلية، عبر ما تبثه من برامج وإعلانات وأغاني وغيره، والتي تظهر المرأة في غالبيتها العظمى جسد للمتعة، وسلعة للتملك.
وهو ما يفرض على المؤسسات النسوية ووسائل الإعلام الفلسطيني تحديات، ومحتمات اكبر للنهوض بواقعنا الإعلامي ومواكبة التطور الهائل في الشكل والمضمون الذي تقدمه الفضائيات وشبكة الانترنت، لتقديم الصورة الحقيقية للمرأة، وإلا فستظل النظرة للمرأة تراوح في مكانها، إن لم تتدنى أكثر فأكثر.
وأود في ختام ورقتي أن أشير إلى أن البرامج الإعلامية المقدمة عبر وسائل الإعلام المختلفة- في معظمها-لا تسهم فقط في تكريس النظرة الدونية للمرأة، وإنما تؤكدها عبر تسطيح وتتفيه النساء أنفسهن مهما بلغن من العلم والعمر والخبرة ليتبعن الموضة والأزياء، وأخبار الفنانين، والطبخ، والنفخ...إلخ


انتهـــــــــى


(1) ورقة بعنوان "ملاحظات أولية حول الحركة النسوية الفلسطينية"، معهد دراسات المرأة، جامعية بيرزيت-إعداد آيلين كتاب، ونداء أبو عواد، ضمن بحث حول الحركة النسوية الفلسطينية يجري العمل عليه.
-----------------