الثلاثاء، 27 أكتوبر 2015

وجع الورد، ليس مجرد كتاب

خلال تقديم كتيب "وجع الورد" في مؤتمر "من حقي ان أعيش"-غزة



وجع الورد، ليس مجرد كتاب يوثق قصص نساء فلسطينيات مصابات بمرض السرطان.

وجع الورد، مسلسل من الألم والوجع، تبدأ حلقاته مع الاشتباه بالاصابة بالمرض، الى الطريق الطويل لتشخيصه، بين المتوفر واللا متوفر في قطاع غزة المحاصر، والمنكوب بالاحتلال وسوء ادارة أهله.




ولا ينتهي المسلسل بجرعات الألم، وتساقط الشعر، والتهاب المشاعر، بل يتعداه الى معالجات نفسية ومجتمعية ربما تكون أشد فتكاً من المرض نفسه.
يجمع الاطباء على ان الاحتضان النفسي والمجتمعي للمريض، أول خطوات شفاءه.
تشتد الحبكة في وجع الورد، 
ليست الدرامية، بل الواقعية، المؤلمة جداً، 
فيحكي عن نساء واجهن هذا كله، في زمن صعب، تحت زخات الرصاص، وقذائف المدفعية، وصواريخ اف 16.
نساء مريضات، لم يستطعن الحصول على حقهن في العلاج في وقت تهدد حقهن في الحياة.
واخريات اشتبهن في المرض، فتجاهلنه، وقرأن الشهادتين وشبح الموت أقرب إليهن من شظف العيش.
وأمهات مريضات، خبأن آلامهن، واحتضن أطفالهن، وهدأن من روع أزواجهن، وعوائلهن.
واخوات، وزوجات هرعن الى الملاجئ، هربا من الموت والتدمير والحصار، فبحثن عن أمنهن المسروق، وتجرعن قساوة انتهاك خصوصيتهن، وانشغال الكل عن وجعهن.
في 51 يوماً، اشتد المرض على حامليه، وازدادت غدده السرطانية، في وقت صعُب علينا جميعاً توفير أدنى متطلبات الحياة، فلم تكد الحرب تضع اوزارها حتى تكشفت الأوجاع و انفتحت الجراح.
لم يخلُ بيت من أثار الحرب، استشهاداً أو اصابة، تدميراً أو نزوحاً، فكانت مريضات السرطان جزءاً من هذا الحال.
حقوقهن في الحياة، والعلاج، والحركة، والسكن، والغذاء، والترفيه وووو، سُرقت.
وأكثر من 30 امرأة مريضة بالسرطان، بعد الحرب، فقدت.
وجع الورد، وثيقة في وجه الاحتلال، وشاهد على جرائمه، ومهمازاً للمؤسسات الدولية والاقليمية والمحلية عن صدق القول في محل الفعل، وعن ما فعلت القرارات الدولية بشأن حماية النساء في أوقات الصراع والحروب؟ وكيف استجابت لحاجاتهن المختلفة، خصوصاً المريضات منهن؟
وجع الورد، مبادرة ودودة، مهمة، من مركز صحة المرأة في مخيم البريج، التابع لجمعية الثقافة والفكر الحر، الذي يقدم خدمات صحية ونفسية ومجتمعية جليلة...في زمن الحصار والتشتيت ووعورة الطريق.
لا شك ان الحديث عن الشفاء، الذي يتحدث الاطباء عنه عالمياً، يتطلب توفير البيئة النفسية والمجتمعية والصحية اللازمة للوصول إليه.
ولا يمكن ان نقنع النساء ان مرض السرطان طارئ، وعرضي، وحصار الدواء مستمر، واهمال الآلام والآمال على أشده.
المرض محنة، يمكن ان تتحول الى منحة، نكتشف فيها ذواتنا، القوة فيها والضعف، الأمل فيها واليأس، الحب الذي يملأ جنبات قلوبنا نحو ذاتنا، وينير فضاء من حولنا.
أنهي بمقولة جبران خليل جبران ان كان "هناك من يتذمّر لأن للورد شوكاً، فهناك من يتفاءل لأن فوق الشوك وردة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق